بسم الله الرحمن الرحيم
[فائدة]فساد القول بإخراج العمل عن مسمى الإيمان من آية في كتاب الله
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اهتدى بهداه أما بعد،
فهذه فائدة تبين وجوب تلازم الظاهر مع الباطل، و الرد على المرجئة الخبثاء، في نفيهم كون العمل داخلا في مسمى الإيمان، فمن أبواب الرد عليهم هذه الآية الكريم في قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}و سأتكلم هنا عن الآية كلمة كلمة .
الكلمة الطيبة المقصود بها هنا: شهادة أن لا إله إلا الله، كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :{ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً} شهادة أن لا إله إلا الله.
الشجرة الطيبة: هي النخلة، كما روى البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما و رُوى عن ابن مسعود و أنس رضي الله عنهما أنها النخلة، ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة .
المراد من
ذلك أنها عبارة عن المؤمن، وقوله الطيب، وعمله الصالح، وإن المؤمن كالشجرة
من النخل، لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت، وصباح ومساء .
قال ابن قيم الجوزية في الأمثال في القرآن:((
فشبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل
الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين
الذين يقولون: "الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله" فإنها تثمر
جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة فكل عمل صالح مرضي لله عز وجل ثمرة
هذا الكلمة ))
{أَصْلُهَا ثَابِتٌ}: و هي لا إله إلا الله في قلب المؤمن {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء .
و هنا لنا وقفة، لأن المفهوم من الآية الدلالة على أن الشجرة تكون من ركنين: ركن فوق الأرض، و ركن تحتها .
فالذي فوق الأرض: الفروع الظاهرة لنا كالأغصان و الثمر و الريش،
أما ما تحت الأرض فهو أصلها و عروقها التي تغذيها .
فلو جاء أحد الناس إليك على شجرة مقطوعة لا يرى منها شيء و لم يبقى إلا عروقها تحت الأرض، أو مكان في الصحراء لا شجر فيه و لا حجر و قال لك هذه شجرة، لبدر إلى ذهنك أن هذا الرجل به نوع من جنون، و لكذبته قائلا: أنا لا أرى هنا شجرة .
بهذا يظهر أن ما تقول به المرجئة ضرب من الجنون فعلا، لأنهم يثبتون الشجرة دون ركن من أركانها الذي لا تكون شجرة إلا به و هو الركن الظاهر فوق الأرض كالجذع و الفروع و الريش و الثمار.
و هذا مذهب خبيث،لأننا بموجبه لا نتمكن من التمييز بين كون الشجرة كانت ثم قطعت فعلا، أم أنه مكان لم تنبت فيه بذرة بتاتا، و يترتب على ذلك تعذر إطلاق حكم "المرتد" مثلا على بعض الناس من وجوه كثيرة، فيكون ذلك مثلا كنأنا نريد قطع غصن من أغصان الشجرة أو قطعها كليا، و هي على الحال التي أسفلت لا جذع لها و لا ريش و لا فرع، هذا من جهة.
من الجهة الأخرى، أنه لا يصلح ظاهر الشجرة العلوي و يصلح فرعها و يطيب ثمرها، إلا إذا كان متصلا ثابتا راسخا مع أصلها الباطني تحت الأرض، و هذا الوجه رد على الذين يظهرون حسن العمل المخالف لما في بواطنهم من أهل الرياء أو النفاق.
لذلك قال العلامة ابن القيم في أعلام الموقعين مبينا تلازم الظاهر مع الباطل:((وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضي فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه وأخبرت به عنه رسله والإخلاص قائم في القلب والأعمال موافقة للأمر والهدي والدل والسمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء وإذا كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار)).
و كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مسلم قال-رسول الله صلى الله عليه و سلم-: ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا))
فلا يقبل من الكلام إلا الكلام الطيب الذي هو كالشجرة الطيبة، لها أصل راسخ ثابت، و فرعها عالي ظاهر، و ثمارها زكية يانعة، و من هذا الكلام كلمة:"لا اله الا الله" لابد من تلازم الأصل في القلب مع الظاهر.
و كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مسلم قال-رسول الله صلى الله عليه و سلم-: ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا))
فلا يقبل من الكلام إلا الكلام الطيب الذي هو كالشجرة الطيبة، لها أصل راسخ ثابت، و فرعها عالي ظاهر، و ثمارها زكية يانعة، و من هذا الكلام كلمة:"لا اله الا الله" لابد من تلازم الأصل في القلب مع الظاهر.
هذا و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق