<div style='background-color: #b8d6e6;'><a href='http://www.adamazer.com/' title=''>amazon banners</a></div>

في معنى قوله تعالى{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}

0 التعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم

في معنى قوله تعالى{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر 75]

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اهتدى بهداه أما بعد، 
أبداء أولا بقوله: {حَافِّينَ} فقد وقع لبس كبير في معنى هذه الكلمة، بأقوال بعض مرضى القلوب، حيث حرفوا المعنى الصحيح لهذه الكلمة، بقولهم أن الملائكة حافين من حول العرش، أي: حفاة الأقدام، و هذا المعنى لا أساس له من الصحة في حق الملائكة الكرام الذين هم عبيد الله حقا .

أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} قال: قال مطرف بن عبد الله بن الشخير : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين.

قال الرغاب الاصفهاني في المفردات في غريب القرآن (243/1): (({وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} أي: مطيفين بحافتيه، أي: جانبيه، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (تحفه الملائكة بأجنحتها) الحديث: (إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها). 


قال الجوهري في الصحاح (1345/4): (( وحفوا حوله يحفون حفا، أي أطافوا به واستداروا. وقال الله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} وحفه بالشئ يحفه كما يحف الهودج بالثياب. وكذلك التحفيف. ويقال: من حفنا أو رفنا فليقتصد، أي من خدمنا أو تعطف علينا وحاطنا))

روى الإمام مسلم في الصحيح (2700) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ))
ومعنى  "حفتهم الملائكة " أي حافتهم، فكأن الملائكة قريب منهم قرباً حفتهم حتى لم تدع فرجة تتسع لشيطان.


فيظهر المعنى جليا أن المراد به أي: محدقين محيطين من حول العرش، مطيفين بحوافيه وبجوانبه.

و منه قوله تعالى:{وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ}أي: وأطفنا هذين البستانين بنخل.
و من خلال الجمع بين هذه الآيتين و الحديث يظهر أخيرا بطلان قول من قال أن معناه "حفاة الأقدام" .

أما قوله تعالى {مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}

قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة(4 /264) : (( "عرش" العين والراء والشين أصل صحيح واحد، يدل على ارتفاع في شيء مبني، ثم يستعار في غير ذلك))

 والعرش في اللغة أيضا هو : عبارة عن السرير الذي للملك، كما قال تعالى: { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}.

و كما هي عادة أهل البدع و الكفريات، ذهب أهل هذه الأمور إلى تحريف معاني الألفاظ في القرآن الكريم، كما هو دأب أسلافهم من اليهود و النصارى فقالوا أن العرش المراد به "العلم".



قال محمد الكرجي القصّاب في نكت القرآن(1 /626): ((وأن عرش الله أيضا - جل جلاله- هو سريره الذي استوى عليه لا "العلم" كما يزعم الجهلة من الجهمية ))


والعرش في كلام العرب يحتمل عدة معانى، كما جاء في القرآن الكريم في كثير من المواضع منها :
1-سرير الملك: قال الخليل الفراهيدي فيكتاب العين (1 /249): ((العرش: السرير للمَلِك)) كما أسلفت في الآية السابقة في قوله تعالى:{وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ}.
2- سقف البيت: قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (4 /265) : ((ويُقال لسقف البيت: عَرش. قال الله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} ، والمعنى أنّ السقف يسقُط ثم يَتهافت عليه الجُدرانُ ساقطةً ))

و كما روى أبو داود في سننه 4726 - قال حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الرِّبَاطِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ أَحْمَدُ: كَتَبْنَاهُ مِنْ نُسْخَتِهِ وَهَذَا لَفْظُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، ثم ساق الحديث و فيه: ((شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ أَتَدْرِي مَا اللَّهُ، إِنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَاوَاتِهِ لَهَكَذَا، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ مِثْلَ الْقُبَّةِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ)) .

و ليس كما قال أهل الكلام أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه، محيط بالعالم من كل جهة، و هم طبعا يقولون بذلك لغايات في أنفسهم و لنصرة مذهبهم الباطل،لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، كما روى الإمام البخاري في الصحيح 7427 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((النَّاسُ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ))

هذا عرش الرحمن سبحانه و تعالى الذي وصفه لنا هو عز و جل: ذو العرش الكريم، المجيد، العظيم .
قال ابن كثير في البداية والنهاية : (ورَفَع السماوات بغير عَمَدٍ، وزيَّنها بالكواكب الزَّاهِرَات، وجعل فيها سِراجًا وقمرًا منيرًا، وسوَّى فوقهُنَّ سَرِيرًا، شَرْجَعًا عاليًا مُنِيفًا مُتَّسِعًا مُقَبَّبًا مُستَديرًا، هو العرش العظيم، له قوائِمُ عِظامٍ، تحمِلُه الملائكة الكرام)  

هذا و قد استدل أئمة الإسلام بهذه الآية، أن الملائكة حافين من حول العرش على أن الله فوق العرش بائن من خلقه، و فيه رد قوي جدا على أهل الكفر و الإلحاد، الذين لا يؤمنون بالنصوص كما جاءت، أو أصحاب القول بوحدة الوجود، أو الحلولية.

قال أبو سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (98/1): ((حدثنا الحسن بن الصباح البزاز البغدادي حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك أنه سئل: بم نعرف ربنا؟ قال بأنه فوق العرش فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه، قال: قلت بحد؟ قال: فبأي شيء؟ قال أبو سعيد: والحجة لقول ابن المبارك رحمه الله قول الله تبارك وتعالى "وترى الملائكة حافين من حول العرش" الزمر، فلماذا يحفون حول العرش إلا لأن الله عز و جل فوقه ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها لا بالعرش دونها، ففي هذا بيان بين للحد وأن الله فوق العرش والملائكة حوله حافون يسبحون ويقدسونه ويحمل عرشه بعضهم قال الله تعالى "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم")) 

هذا و الله تبارك و تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

0 التعليقات:

إرسال تعليق