بسم الله الرحمن الرحيم
في معنى قوله تعالى {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}
قال الله تعالى في سورة النور:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}
المعنى: ألم تر يا محمد أن الله يسوق سحابا حيث يريد ثم يؤلف بينه ثم يجعله متراكما بعضه على بعض .
قال الطبري في تفسيره: حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : أخبرنا خالد ، قال : ثنا مطر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عبيد بن عمير الليثي ، قال : الرياح أربع : ((يبعث الله الريح الأولى فتقم الأرض قما ، ثم يبعث الثانية فتنشئ سحابا ، ثم يبعث الثالثة فتؤلف بينه فتجعله ركاما ، ثم يبعث الرابعة فتمطره)) .
وقوله : {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} يقول : فترى المطر يخرج من بين السحاب .
قال ابن كثير في قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}(( قال بعض النحاة : " من " الأولى : لابتداء الغاية ، والثانية : للتبعيض ، والثالثة : لبيان الجنس)) .
لغة العرب فيها "سنا" و "سناء" بالهمزة معناه السناء: الرفعة والعلو المعنوي والحسي والسنا: اللمعان والضوء والنور .
قال الطبري:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخُراسانيّ، عن ابن عباس، قوله:{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} قال: ضوء برقه.
لغة العرب فيها "سنا" و "سناء" بالهمزة معناه السناء: الرفعة والعلو المعنوي والحسي والسنا: اللمعان والضوء والنور .
قال الطبري:حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخُراسانيّ، عن ابن عباس، قوله:{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} قال: ضوء برقه.
المقصود في قوله :{يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} أي: تكاد شدة ضوء برق هذا السحاب يذهب بأبصار من لاقى بصره من شدته يخطف الأبصار إذا اتبعته وتراءته .
و قد جمع ابن القيم رحمه الله في معنى هذه الآية أروع المعاني حيث قال في الفوائد(26/1):((" أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري" الربيع : المطر الذي يحيي به الأرض. شبّه القرآن به لحياة القلوب به. وكذلك شبهه الله بالمطر، وجمع بين الماء الذي تحصل به الحياة، والنور الذي تحصل به الانارة والاشراق، كما جمع بينهما سبحانه )) ثم ساق الآيات و منها هذه الآية .
أما في تدبر السلف للقرآن و تأثرهم به لأعلى الدرجات ما نقله ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (1/58): ((ذكر الكتبي في تاريخه: أن الشيخ أبا إسماعيل الأنصاري لما رجع من محنته الأولى ابتدأ في تفسير القراَن، ففسره في مجالس التذكير، سنة ست وثلاثين. وفي سنة سبع وثلاثين افتتح القرآن يفسره ثانيًا في مجالس التذكير، قال: وكان الغالب على مجلسه القول في الشرع، إلى أن بلغ إلى قوله عزَّ وَجَل: { والَذِينَ آمَنُوا أَشَذ حُبًّا للّه}.
فافتتح تجريد المجالس في الحقيقة، وأنقق على هذه الآية من عمره مدة مديدة، وبنى عليها مجالس كثيرة. وكذلك قوله تعالى: { إنَّ الَذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى } بنى عليها ثلاثمائة وستين مجلساً. فلما بلغ قوله تعالى: { يَكَادُ سَنَا بَرْقه يَذْهَبُ بِالأَبْصَارٍ} كُفَ بَصَرُه سنة ثلاث وسبعين ))
و الله تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجميعن .