بسم الله الرحمن الرحيم
في معنى قوله تعالى{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من أهتدى بهداه أما بعد، فالبداية بالمعنى اللغوية لكلمة"دأب" .
قال الجوهري-رحمه الله تعالى- في الصحاح (123/1): (( دأب فلان في عمله، أي جدَّ وتعِب، دأباً ودُؤوباً، فهو دائب . قال الراجز: راحت كما راح أبو رِئالِ قاهي الفؤادِ دائب الاجفال وأدأبته أنا. والدائبان: الليلُ والنهارُ. والدّأْبُ: العادةُ والشّأْنُ))
قال الإمام الطبري-رحمه الله تعالى- في تفسيره: ((وأصل " الدأب " من : " دأبت في الأمر دأبا " إذا أدمنت العمل والتعب فيه . ثم إن العرب نقلت معناه إلى الشأن ، والأمر ، والعادة ))
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى- في النبوات (971/2): ((والصواب ما قاله الجمهور؛ أنَّ الدأْب - بالتسكين -: هو العادة، وهو غير الدأَب بالتحريك؛ إذا زاد اللفظ زاد المعنى، والذي في القرآن مُسَكَّنٌ، ما علمنا أحداً قرأه بالتحريك، وهذا معروف في اللغة؛ يقال: فلانٌ دَأْبُهُ كذا وكذا: أي هذا عادته وعمله اللازم له، وإن لم يكن في ذلك تعبٌ واجتهاد، ومنه قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ}، والدائب نظير الدائم، والباء والميم متقاربتان؛ ومنه: اللازب واللازم))
فيكون في الجمع بين هذه الآية و الآيات الأخرى الواردة في الشمس و القمر، أن شأنهما و عادتهما أنهما في فلك يسبحون في جريان دائم في هذا الكون الفسيح، ساعيان لمصلحة العباد، و زروعهم، و حيواناتهم، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، كما أن شانهما الجمع بين دوام الطاعة لله تعالى مع إستمرار نفعهما للناس و الخلق بإذن الله .
و قد جاء لفظ "دأب" في مواضع أخرى من كتاب الله تعالى .
كقوله تعالى في سورة آل عمران الآية 11: {كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّه بِذُنُوبِهِمْ}
و قد جاءت آيات أخرى في سورة الأنفال فيها تشابه ألفاظ بآية سورة آل عمران، فقال الله تعالى في الانفال 52 :{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .
و قال في الانفال الآية 54: {كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ }
الآية الأولى معناها يدور حول مشابهة الكفار على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم لما جرت به عادة آل فرعون و الذين من قبلهم في الكفر بآيات الله ،لذلك جاء فيما سبق هذه الآية قوله تعالى:{لَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}
أما الآية الثانية، فهي مشابهتهم لهم في تغيير النعم التي أنعم بها ربهم عليهم و لهذا قال :{كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ} لأن الرب هو المربي، ذو الإنعام الفلضل عليهم مالكهم و مصلح أحوالهم .
أما الآية الاولى فقال: {كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ} لأنه مقام العبودية و الانقياد و الخضوع لله .
يقول الإمام الطبري-رحمه الله تعالى-: ((غير هؤلاء المشركون بالله المقتولون ببدر نعمة ربهم التي أنعم بها عليهم بابتعاثه محمدا منهم، و بين أظهرهم، داعيا لهم إلى الهدى، بتكذيبهم إياه و حربهم له{كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن}كسنة آل فرعون و عادتهم، و فعلهم بموسى نبي الله و تكذيبهم إياه، و تصديهم لحربه، و عادة من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلها و صنيعهم )).
هذا و الله تبارك و تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
في معنى قوله تعالى{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: 33]
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من أهتدى بهداه أما بعد، فالبداية بالمعنى اللغوية لكلمة"دأب" .
قال الجوهري-رحمه الله تعالى- في الصحاح (123/1): (( دأب فلان في عمله، أي جدَّ وتعِب، دأباً ودُؤوباً، فهو دائب . قال الراجز: راحت كما راح أبو رِئالِ قاهي الفؤادِ دائب الاجفال وأدأبته أنا. والدائبان: الليلُ والنهارُ. والدّأْبُ: العادةُ والشّأْنُ))
قال الإمام الطبري-رحمه الله تعالى- في تفسيره: ((وأصل " الدأب " من : " دأبت في الأمر دأبا " إذا أدمنت العمل والتعب فيه . ثم إن العرب نقلت معناه إلى الشأن ، والأمر ، والعادة ))
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى- في النبوات (971/2): ((والصواب ما قاله الجمهور؛ أنَّ الدأْب - بالتسكين -: هو العادة، وهو غير الدأَب بالتحريك؛ إذا زاد اللفظ زاد المعنى، والذي في القرآن مُسَكَّنٌ، ما علمنا أحداً قرأه بالتحريك، وهذا معروف في اللغة؛ يقال: فلانٌ دَأْبُهُ كذا وكذا: أي هذا عادته وعمله اللازم له، وإن لم يكن في ذلك تعبٌ واجتهاد، ومنه قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ دَائِبَيْنِ}، والدائب نظير الدائم، والباء والميم متقاربتان؛ ومنه: اللازب واللازم))
فيكون في الجمع بين هذه الآية و الآيات الأخرى الواردة في الشمس و القمر، أن شأنهما و عادتهما أنهما في فلك يسبحون في جريان دائم في هذا الكون الفسيح، ساعيان لمصلحة العباد، و زروعهم، و حيواناتهم، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، كما أن شانهما الجمع بين دوام الطاعة لله تعالى مع إستمرار نفعهما للناس و الخلق بإذن الله .
و قد جاء لفظ "دأب" في مواضع أخرى من كتاب الله تعالى .
كقوله تعالى في سورة آل عمران الآية 11: {كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّه بِذُنُوبِهِمْ}
و قد جاءت آيات أخرى في سورة الأنفال فيها تشابه ألفاظ بآية سورة آل عمران، فقال الله تعالى في الانفال 52 :{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .
و قال في الانفال الآية 54: {كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن وَاَلَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ }
الآية الأولى معناها يدور حول مشابهة الكفار على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم لما جرت به عادة آل فرعون و الذين من قبلهم في الكفر بآيات الله ،لذلك جاء فيما سبق هذه الآية قوله تعالى:{لَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}
أما الآية الثانية، فهي مشابهتهم لهم في تغيير النعم التي أنعم بها ربهم عليهم و لهذا قال :{كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ} لأن الرب هو المربي، ذو الإنعام الفلضل عليهم مالكهم و مصلح أحوالهم .
أما الآية الاولى فقال: {كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ} لأنه مقام العبودية و الانقياد و الخضوع لله .
يقول الإمام الطبري-رحمه الله تعالى-: ((غير هؤلاء المشركون بالله المقتولون ببدر نعمة ربهم التي أنعم بها عليهم بابتعاثه محمدا منهم، و بين أظهرهم، داعيا لهم إلى الهدى، بتكذيبهم إياه و حربهم له{كَدَأْبِ آل فِرْعَوْن}كسنة آل فرعون و عادتهم، و فعلهم بموسى نبي الله و تكذيبهم إياه، و تصديهم لحربه، و عادة من قبلهم من الأمم المكذبة لرسلها و صنيعهم )).
هذا و الله تبارك و تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
0 التعليقات:
إرسال تعليق