بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة في بطلان منهج الموازنات
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اهتدى بهداه اما بعد،
فالمنهج المسمى بالموازنات القائم في عصرنا هذا هو تسويت ذكرالحسنات بالسيئات حين الرد على من زل أو ضل أو ابتدع في دين الله تعالى
فيرون ذكر حسنات المرء و إدراجها في جملة الرد الذي قد يرد به على المبتدع،
بل قد يرى البعض منهم أن مجرد الرد على شخص فإن ذلك يعتبر ذكرا لسيئاته فيستلزم ذلك ذكر شيء من حسناته مصحوبة بذلك الرد،
لكننا لم نرى ائمة الإسلام أقروا هذا بل كانوا يردون من باب دفع البدعة و الشبه عن الدين و التحذير من المخالف أو المبتدع دون ذكر حسناته، و لم يقيموا لهذا الأمر أهمية كما يحصل في عصرنا من شلة المميعين .
و هذه فائد أذكرها تبين عوار هذا المسلك في لزوم الجمع بين الحسنات و السيئات، ذلك أن الموازنة بينهما تكون يوم القيامة للآيات و الأحاديث الواردة في ذلك
كما روى الطبري في التفسير
حدثنا المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكر الهذلي، قال: قال سعيد بن جبير و هو يحدث ذلك عن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، و من كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ قول الله {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [الأعراف: 9]
و من السنة النبوية أحاديث كثيرة واردة في إثبات الميزان و أنه يوزن فيه أعمال العباد حسناتهم و سيئاتهم
كما روى الامام البخاري في صحيحه 4452: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ وَقَالَ اقْرَءُوا فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا))
و رواه الامام مسلم في الصحيح كذلك 2785: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ يَعْنِي الْحِزَامِيَّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(( إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ الْعَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ اقْرَءُوا فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا))
فيظهر جليا أن الآيات والأحاديث الواردة في الباب يفهم منها أننا لسنا مخولين بموازنة الحسنات و السيئات،و لا حتى معرفة مقدار ثقلها في الميزان فإن ساق ابن مسعود رضي الله عنه أثقل عند الله يوم القيامة من أحد، و رُب كلمة يقولها المرء لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا فتطيش بحسنات المرء الظاهرة كلها .
و لأن ذلك المنهج في غالب أحواله يؤدي إلى التجاوز عن السيئات إن غلبتها الحسنات، و هذا حق من حقوق الله تعالى لا ينبغي لغيره مشاركته فيه، و في الموازنات إدعاء مشاركة شيء من خصائص الرب سبحانه و تعالى .
و لأن ذلك المنهج في غالب أحواله يؤدي إلى التجاوز عن السيئات إن غلبتها الحسنات، و هذا حق من حقوق الله تعالى لا ينبغي لغيره مشاركته فيه، و في الموازنات إدعاء مشاركة شيء من خصائص الرب سبحانه و تعالى .
هذا ما ظهر لي و الله تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .