بسم الله الرحمن الرحيم
في الفرق بين الخلاف والمخالفة
( أصل المادة واحد وهو خلف . والخلاف كما سبق المضادة ، والتخاليف الألوان المختلفة . وخالفه إلى الشيء: عصاه إليه أو قصده بعد ما نهاه عنه .
قال تعالى: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} .
إذن هما كلمتان تستعمل كل منهما في محل الأخرى ، غير أن المتتبع يجد أن كلمة خالف تستعمل في حالة العصيان الواقع عن قصد كـمن يخالف الأوامر ، قال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ، ولم يقل سبحانه : يختلفون في أمره ، أما كلمة اختلف فتكون في حالة المغايرة في الفهم الواقع من تفاوت وجهات النظر ، وعليه قوله تعالى:{وَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} ، ولم يقل سبحانه: خالفوا فيه .
ومنه قوله تعالى:{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} ، فجعله عز وجل اختلافًا لا مخالفة .
وقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} ، ولم يقل سبحانه: تخالفون فيه .
وابن نوح عليه السلام خالف نوحًا لما قال له فيما يحكيه تعالى عنه إذ قال لابنه:{ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلاَ تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي} ، فكان مخالفًا .
أما سليمان وداود عليهما السلام في قضية الحرث ، فكان ما بينهما اختلافًا وليس مخالفة ، قال تعالى :{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} .
ومن نتيجة هذا الفرق بين الخلاف والمخالفة نجزم - بما لا يدع مجالاً للشك - بأن الأئمة في مناهجهم العلمية وأساليب عرضهم لن يخالفوا نصًّا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، اقتداء منهم بسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين .
وهم بهذا لم يختلفوا ليخالف بعضهم بعضًا ، أو يخطِّئ بعضهم بعضًا ، إنما اختلفوا في سبيل الوصـول إلى الحق ، وتحقيـق مقاصد الشـرع بما يتوصلون إليه من فهم كتـاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وخاصةً في مواطن الاحتمال ومسائل الاجتهاد والاستدلال (أنظر موقف الأمة من إختلاف الأئمة للشيخ عطية سالم ص16) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليعلم أنه ليس لأحد من الأئمة المقبولين عند الأمة - قبولاً عامًّا - يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ، دقيق أو جليل ، فإنهم متفقون اتفاقًا يقينًا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ) (مجموع فتاوى بن تيمية ج20 ص232) .
المصدر: موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية و الإفتاء
في الفرق بين الخلاف والمخالفة
( أصل المادة واحد وهو خلف . والخلاف كما سبق المضادة ، والتخاليف الألوان المختلفة . وخالفه إلى الشيء: عصاه إليه أو قصده بعد ما نهاه عنه .
قال تعالى: { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} .
إذن هما كلمتان تستعمل كل منهما في محل الأخرى ، غير أن المتتبع يجد أن كلمة خالف تستعمل في حالة العصيان الواقع عن قصد كـمن يخالف الأوامر ، قال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ، ولم يقل سبحانه : يختلفون في أمره ، أما كلمة اختلف فتكون في حالة المغايرة في الفهم الواقع من تفاوت وجهات النظر ، وعليه قوله تعالى:{وَمَا أَنْـزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} ، ولم يقل سبحانه: خالفوا فيه .
ومنه قوله تعالى:{فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} ، فجعله عز وجل اختلافًا لا مخالفة .
وقوله تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} ، ولم يقل سبحانه: تخالفون فيه .
وابن نوح عليه السلام خالف نوحًا لما قال له فيما يحكيه تعالى عنه إذ قال لابنه:{ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلاَ تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي} ، فكان مخالفًا .
أما سليمان وداود عليهما السلام في قضية الحرث ، فكان ما بينهما اختلافًا وليس مخالفة ، قال تعالى :{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} .
ومن نتيجة هذا الفرق بين الخلاف والمخالفة نجزم - بما لا يدع مجالاً للشك - بأن الأئمة في مناهجهم العلمية وأساليب عرضهم لن يخالفوا نصًّا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، اقتداء منهم بسيرة الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين .
وهم بهذا لم يختلفوا ليخالف بعضهم بعضًا ، أو يخطِّئ بعضهم بعضًا ، إنما اختلفوا في سبيل الوصـول إلى الحق ، وتحقيـق مقاصد الشـرع بما يتوصلون إليه من فهم كتـاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وخاصةً في مواطن الاحتمال ومسائل الاجتهاد والاستدلال (أنظر موقف الأمة من إختلاف الأئمة للشيخ عطية سالم ص16) .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( وليعلم أنه ليس لأحد من الأئمة المقبولين عند الأمة - قبولاً عامًّا - يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته ، دقيق أو جليل ، فإنهم متفقون اتفاقًا يقينًا على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ) (مجموع فتاوى بن تيمية ج20 ص232) .
المصدر: موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية و الإفتاء