<div style='background-color: #b8d6e6;'><a href='http://www.adamazer.com/' title=''>amazon banners</a></div>

في قوله تعالى { يَا أُخْتَ هَارُونَ } هل مريم أخت لهارون عليه السلام؟


بسم الله الرحمن الرحيم

في قوله تعالى { يَا أُخْتَ هَارُونَ } هل مريم أخت لهارون عليه السلام؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أما بعد:
فقد جاء ذكر مريم-عليها السلام- في القرآن الكريم مرات عديدة في سور كثيرة ، 

1- مرات يذكر الله تبارك و تعالى لنا إسمها مجردا، كقوله تعالى: { يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } .
2- مرة جاء ذكرها منسوبة إلى أبيها، في قوله تعالى: { وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } .
3-جاء ذكر مريم عليها السلام في القرآن كذلك بوصفها أما لعيسى-عليه السلام- كقوله تعالى: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } .
4- جاء ذكرها عليها السلام بوصفها أخت هارون، و هذا سيكون محل النقاش في موضوعنا هذا إن شاء الله، و ذلك في قوله تعالى في سورة مريم: { يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } .

و قد أدعى فريق من النصارى أنه قد وقع في القرآن خلط و اضطراب و ذلك أن الثابت عندهم في كتابهم المقدس أنها أم عيسى و بنت عمران لا أنها أخت هارون مع الفارق الزمني بينهما، ذكر ذلك في حديث المغيرة بن شعبة في صحيح مسلم:
2135 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو سعيد الأشج ومحمد بن المثنى العنزي واللفظ لابن نمير قالوا حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال:(( لما قدمت نجران سألوني فقالوا إنكم تقرءون يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم )) .

قال الراغب الاصفهاني في المفردات في غريب القرآن (1/68)
أخ الأصل أخو، وهو: المشارك آخر في الولادة من الطرفين، أو من أحدهما أو من الرضاع.
ويستعار في كل مشارك لغيره في القبيلة، أو في الدّين، أو في صنعة، أو في معاملة أو في مودّة، وفي غير ذلك من المناسبات.
قوله تعالى:{ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ }
[آل عمران/ 156] ، أي:لمشاركيهم في الكفر، وقال تعالى:{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }[الحجرات/ 10] ،{ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً }[الحجرات/ 12] ، وقوله:{ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ }[النساء/ 11] ، أي: إخوان وأخوات، وقوله تعالى:{ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ }[الحجر/ 47] ، تنبيه على انتفاء المخالفة من بينهم.
والأخت: تأنيث الأخ، وجعل التاء فيه كالعوض من المحذوف منه، وقوله تعالى: { يا أُخْتَ هارُونَ} [مريم/ 28] ، يعني: أخته في الصلاح لا في النسبة، وذلك كقولهم: يا أخا تميم. وقوله تعالى:{ أَخا عادٍ }[الأحقاف/ 21] ، سمّاه أخاً تنبيهاً على إشفاقه عليهم شفقة الأخ على أخيه، وعلى هذا قوله تعالى: { وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ }[الأعراف/ 73]{ وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ }[الأعراف/ 65] ،{ وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ }[الأعراف/ 85] ، وقوله:{ وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها }[الزخرف/ 48] ، أي: من الآية التي تقدّمتها، وسمّاها أختاً لها لاشتراكهما في الصحة والإبانة والصدق، وقوله تعالى:{ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها } [الأعراف/ 38] ، فإشارة إلى أوليائهم المذكورين في نحو قوله تعالى:{ أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ }[البقرة/ 257] .

ففي هذا الكلام رد على كلامهم الباطل من وجه أنها ليست أخته من النسب إنما أخته في الصلاح لا في النسبة كما قال ابن كثير-رحمه الله تعالى-: (({ يَا أُخْتَ هَارُونَ } أي: يا شبيهة هارون في العبادة { مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } أي: أنت من بيت طيب طاهر، معروف بالصلاحوالعبادة والزهادة ، فكيف صدر هذا منك؟ ))

الوجه الآخر في الرد على كلامهم: أن المفهوم من سياق الآية أن تسمية مريم أخت هارون حكاية لما أسماها قومها و خاطبوها به .

و نقل الخلاف في ذلك الإمام الطبري-رحمه الله تعالى- هذا كلامه منقول بتصرف يسير: 
(( اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل لها: يا أخت هارون، ومن كان هارون هذا الذي ذكره الله، وأخبر أنهم نسبوا مريم إلى أنها أخته، فقال بعضهم: قيل لها{ يَاأُخْتَ هَارُونَ } نسبة منهم لها إلى الصلاح، لأن أهل الصلاح فيهم كانوا يسمون هارون ، وليس بهارون أخي موسى.
وقال بعضهم: عنى به هارون أخو موسى، ونُسبت مريم إلى أنها أخته لأنها من ولده، يقال للتميميّ: يا أخا تميم، وللمُضَرِيّ: يا أخا مُضَر.
وقال آخرون: بل كان ذلك رجلا منهم فاسقا معلن الفسق، فنسبوها إليه.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرناه، وأنها نسبت إلى رجل من قومها )). أهـ

هذا ما تيسر فمن لديه إضافة فليتفضل ، و الله تبارك و تعالى أعلم و صل الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .

أخوكم أبو عبيدة طارق بن سعد الجزائري الجيجلي .