بسم الله الرحمن الرحيم
فرق بين تضاعف مقادير السئيات و تضاعف كميتها للعلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى-
قال العلامة ابن القيم-رحمه الله تعالى- في سياق حديثه عن فضائل مكة أم القرى:
(( ومما يدل على تفضيلها أن اللّه تعالى أخبر أنها أمُّ القرى، فالقرى كلُها تبع لها، وفرعٌ عليها، وهي أصلُ القرى، فيجب ألاَّ يكون لها في القُرى عَدِيل، فهي كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن (الفاتحة) أنها أمُّ القرآن ولهذا لم يكن لها في الكتب الإِلهية عديلٌ.
ومِن خواصِّه أنه يُعاقب فيه على الهمِّ بالسيئات وإن لم يفعلها، قال تعالى{وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] فتأمل. كيف عدى فعل الإِرادة هاهنا بالباء، ولا يقال: أردتُ بكذا إلا لما ضمِنَّ معنى فعل "هم" فإنه يقال: هممت بكذا، فتوعدَ من هم بأن يَظلم فيه بأن يُذيقه العذَابَ الألِيم.
وَمِن هذا تضاعفُ مقادير السيئات فيه، لا كمياتُها، فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة، وجزاؤها مثلها، وصغيرة جزاؤها مثلها، فالسيئة في حَرَمِ اللّه وبلده وعلى بساطه آكدُ وأعظمُ منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملكَ على بساط مُلكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبِساطه، فهذا فصلُ النزاع في تضعيف السيئات، واللّه أعلم )).
زاد المعاد في هدي خير العباد