بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة في قوله تعالى{فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة}
أجاء :أصلها الفعل الثلاثي جاء ، و لو وردت (جاءها) لما دلت على المعنى المراد كاملا ، و أيضا لو ودت في مكانها كلمة (ألجأها) أيضا لما كان المعنى المراد كاملا فشاء الله أن يجمع هذان المعنيان في كلمة واحدة ليكمل المعنى المراد .
و الهمزة تدخل على الأفعال للتعدية كمثل:
سمع (أي سمع بنفسه) و أسمع (أي أسمع غيره)
الفعل (جاء) متصل بالضمير(ها)ورد في القرآن الكريم مرات عديدة كقوله تعالى:
في قوله تعالى:{وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}
و قوله تعالى:{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
و قوله عز و جل: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ}
و لكن أجاءها وردت مرة واحدة في القرءان الكريم:{فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا }
أسقطت الباء من أجاءها، كما يقال: أتيتك بزيد، فإذا حذفت الباء قيل آتيتك زيدا ، كما قال جل ثناؤه {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} والمعنى: بزُبَر الحديد، ولكن الألف مدت لما حذفت الباء
فلما تدخل عليه الهمزة يصبح أجاء: (فأجاءها) أي :جاء بها ألجأها و اضطرها، و هذه المعاني لا يفيدها الفعل "جاء" فصار الفعل ألجأ من الإلجاء و يدل على الإضطرار و الدفع .
أي أن مريم عليها السلام جاءها المخاض و جعلها تجيء لجذع النخلة اضطرارا أي أنها لم تذهب لجذع النخلة بارادتها ابتداء بل المخاض جعلها تلجأ للنجلة و دفعها اليه دفعا .
و الله تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .