بسم الله الرحمن الرحيم
في معنى قوله تعالى { فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا }
لخص شيء من الأقوال المنقولة في المسألة تلخيصا جيدا ابن الجوزي-رحمه الله تعالى-حيث قال في زاد المسير في علم التفسير (353/3): ((قوله تعالى:{ فَلَمَّا جاءَها} أي: جاء موسى النارَ، وإِنما كان نوراً فاعتقده ناراً، {نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المعنى: قُدِّس مَنْ في النّار، وهو الله عزّ وجلّ، قاله ابن عباس، والحسن والمعنى: قُدِّس مَنْ نادى من النّار، لا أنّ الله عزّ وجلّ يَحُلُّ في شيء.
والثاني: أن «مَنْ» زائدة فالمعنى: بوركتِ النَّارُ، قاله مجاهد.
والثالث: أن المعنى بُورِك على من في النار، أو فيمن في النار قال الفراء: والعرب تقول: باركه الله، وبارك عليه، وبارك فيه، بمعنى واحد، والتقدير: بورك في من طلب النار، وهو موسى، فحذف المضاف.
وهذه تحيَّة من الله تعالى لموسى بالبركة، كما حيَّا إِبراهيمَ بالبركة على ألسنة الملائكة حين دخلوا عليه، فقالوا:{ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ }.
فخرج في قوله تعالى: بُورِكَ قولان: أحدها: قدس. والثاني: من البركة. وفي قوله تعالى:{ وَمَنْ حَوْلَها} ثلاثة أقوال: أحدها: الملائكة، قاله ابن عباس، والحسن. والثاني: موسى والملائكة، قاله محمد بن كعب. والثالث: موسى فالمعنى: بُورِك فيمن يطلبها وهو قريب منها )).